اسمي امرأة مقال رائع لـبسمة عبد الفتاح
، لقبي امرأة ، اسم دلالي “مَرَة”، بعضهم يناديني حواء تكريما ، وبعضهم يقصد تحقيري فيناديني (مكلف)، (حرمة)، مع أن أصل الكلمتين في اللغة يحمل معنى يكرم المرأة، ويعتبرها شيئاً نفيساً، لكن التغير الدلالي للكلمتين في الاستعمال العامي، نقلهما من المعنى النفيس إلى معنى التقليل والتحقير، فأصبح أخي الرجل إذا أراد إغاظتي ناداني “مكلف أو حُرمة” و القلة مازالوا يحتفظون بالمعنى الأصلي للكلمتين.
اسمي امرأة، وكنيتي أم العيال، والاسم (العَلَم )الخاص بي عيب نطقه وربما حرام.. سما وهناء وليلى ورشا وسلا وغلا، كلها تدخل ضمن العورات لذا فإن اسمي امرأة.
ينظر لي بعض الحقوقيين أنني عسكري مثل عسكري الإمام ، لأنني خرجت لخدمة بلدي ، لذا فأنا جلفة من وجهة نظر بعضهم ، وقد لا يتورعون على التعامل معي كرجل ، شكلاً وعقلاً - أحياناً - ويراني المتشددون ضعيفة و يحرّمون علي الخروج من البيت ، يزعم الطرف الأول أنهم أعطوني الحرية ، ولي أن أعمل ما أشاء – بما لا يخالف الدين طبعاً- بينما يحرّمون على زوجاتهم الرد على هاتفي خوفا أن يُصبن بعدوى التحرر العقلي، أو بمعنى أصح التفكير بكل ما حولهن كما أصبت به أنا. الطرف الثاني يرون أن حريتي هي حدود بيتي، الذي لا أجد الحرية فيه، ويفرضون علي فيه كافة القيود الذي يصل حتى إلى لون الستارة الذي يفضلونه قاتماً.
اسمي امرأة وعدد كبير من الطرفين الآنفين الذكر ما زالوا ينظرون لي على أنني قاصر ، فإذا ما توليت مركزا لا بأس به في مؤسسة كبيرة غالباً ما يحاولون إلغاء رأيي ، ودائماً تُعطى المكافأة لزميلي الرجل ، لأن رئيسئ ورئيسه رجل . وإذا ما امتطيت صهوة الفكر ووصلت إلى درجة عالية من الدرجات فإنهم يظلون ينظرون لي بأنني لا أستطيع صنع القرار ، وإن صنعته فإنهم يقولون إنني مسيرة ولست مخيرة.
اسمي امرأة خلقني الله وشقيقي الرجل من نفس واحدة ، ولكنهم يقولون: أن ديتي نصف ديته ، إذا أخطأت فأتحمل ذنب خطأي مضروباً في المليون ، وإذا أخطأ فهو رجل ، خطأه مقبول وذنبه مغفور .
اسمي امرأة تلوكني الألسن ، وتسيل من أجلي الدماء ، وتُروى عني الأشعار ، وتبوح القلوب بأسرارها للطيور شوقاً إلي ، وقد تُقطع رقبتي إذا اشتاق قلبي يوماً كما يشتاقون .
اسمي امرأة زواجي غالباً يقرره غيري ، لا رأي لي إلا فيما ندر ، يجتمع أغلب الأطراف على قصور عقلي في اختيار شريك حياتي ، وكثير ممن يتشدقون بأحقيتي في الاختيار لمن أريده شريكاً لحياتي هم يوهمون الآخرين بذلك ، أما الحقيقة فهم يجبرون بناتهم وأخواتهم على الزواج بمن يحبون ، وليس بمن يحببن .
اسمي امرأة إذا اخترت شريكا لحياتي ، ولم يرد الله لنا التوفيق عليّ أن أتحمل النتيجة بمفردي ، وإن اختاره أهلي وطُلقت منه بعد شهر فهو أمر الله وقدره وعليّ تقبله ، وكانوا يقصدون مصلحتي ، ولكن لم يُكتب لي التوفيق .
اسمي امرأة وعلي أن أتحمل تعب الوظيفة لمساندة عائلتي و شريك حياتي ، وعلي أن أعمل عمل البيت ، وأربي الأولاد ، وأراجع لهم دروسهم ، دون تقصير ، وعلى زوجي أن يعيش أوقات تفرطة كما يشاء ، لأنه رجل . وإن شكوت يوماً فأنا التي أخطأت ، لأنني خرجت للعمل وكان يجب علي أن أظل في البيت ورزقي على الله ، مع أنني قد جربت القعود في البيت وتضورت جوعا ، من الفقر والعوز ، وسوء الحال .
أنا امرأة ملّت حبر كل المتحذلقين بأقلامهم إنصافاً لي باسم الدين تارة ، وباسم تحرير المرأة من قيود العادات والتقاليد القاتلة تارة أخرى .
اتركوني لحقوقي التي كفلها لي رب العالمين ، دعوني أتنفس الهواء كما تتنفسون ، أختار العمل الذي يناسب قدراتي العقلية والنفسية والجسدية التي هي مثل قدراتكم أو أضعف أحياناً ، وأقوى منها في أحايين أخرى ، عاملوني كزميلة عمل كما تحبون أن تُعامل أخواتكم ، احترموا مركزي كما تحترمون مركز زميلكم الرجل . تذكروا حقوقي التي أعطاني إياها ربي واعملوا بها ، ولا تتحذلقوا علي بحبكم لي فتحرموني من خدمة مجتمعي وتقعدوني في البيت تكريماً لي ، ثم تعلنوا حالة الاستنفار إذا مرضت زوجاتكم في أنصاف الليالي لتخرجوا زوجة رجل آخر من مخدعها ، لأنكم بحاجة إليها لتعالج زوجاتكم . فما هذه وتلك ؟
دعوني أحمل قلماً ، وأخط أحلامي وآمالي وآلامي . دعوني أكتب قصيدة حب دون أن تتدخلوا لمن كتبتها ، وأكتب قصة دون أن تتساءلوا ماذا يعني لي البطل فيها ، وأكتب مقالاً دون أن تتوقعوا من هي صاحبة المشكلة ؟
أسمي امرأة تردد كلمات مثل : دعوني ، اتركوني ، اعطوني ، ....، لكنكم لن تعطوني أي حقوق مالم تعلموا أنني أمتلك القدرة على انتزاعها منكم .
اسمي امرأة ، وأنتِ امرأة ، وتلك امرأة ، وهذا اسم اعتز به أنا وأنتِ وهي ،...فكوني على قدر اعتزازك بنفسك أيتها المرأة ، وخذي حقك بنفسك ، ولا تنتظري أحداً ليقدم لك حقاً ، هو في الأصل سلبه منك . تذكري فقط حقوقك وواجباتك كامرأة مسلمة كرمها الله بالعقل .
Welcome to 'Voices of Resilience,' a heartfelt exploration of the people's journey through the critical lens of Dr. Ibtissam Al-Farah. Alongside untold stories of courage and perseverance, Dr Al-Farah provides insightful commentary and analysis on the challenges faced by people seeking sanctuary in the UK. Through rigorous experience, research, advocacy, and empowerment initiatives, Dr. Al-Farah aims to shed light on the complexities of their journey and inspire meaningful change.
لحظة الحرية الحقيقة كالحظة الموت والحياة تأتي مره واحده ولا تتكرر ....
No comments:
Post a Comment