لحظة الحرية الحقيقة كالحظة الموت والحياة تأتي مره واحده ولا تتكرر ....

Wednesday, 4 April 2012

مأزق الأخلاق الثورية - اليمن

 

كثيرا ما عولنا على رياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية في العام 2011 والتي أطلق عليها مجازا بـ " الربيع العربي" وبأنها ستكون رياح خير ورخاء واستقرار على الوطن العربي بشكل عام وعلى اليمن بشكل خاص. وخلال هذه الموجة المحمومة التي أتتنا نتيجة لمطالب شعبية شريفة ومشروعة - دعت بمجملها الى تحسين الظروف الاقتصادية والحقوقية للسواد الأعظم من الشعب-، شهدنا متناقضات كثيرة وقفزات بهلوانية على حبال المصالح السياسية الخاصة ناهيك عن أخلاقيات وسلوكيات للبعض خرجت عن كل تقاليد الأدب والاحترام نهارا جهارا.

خلال هذا الربيع الشاحب " الوهم" عايشنا لحظات نشوة وفرح في الساحات الثورية اليمنية المعارضة للنظام الرسمي بانضمام قيادات منشقة من الجيش وعلى رأسهم على محسن الأحمر ومشايخ وأتباع آل الأحمر وجماعات الحوثي وأحزاب اللقاء المشترك حتى عاش الجميع على وهم بأنهم المخلص والداعم الأعلى.

أن القبول بالزحف المحموم على ساحات الاعتصام من قبل "من هب ودب" لا يعني الا أن الجميع خدع بإرادته وقبل بهذا الاستغلال السياسي اللا أخلاقي، متذرعين بكل الأعذار المقبولة والغير مقبولة. والمفارقة الاهم في هذا الزحف اللا اخلاقي هو ما صاحبة من التجييش الإعلامي المرئي والمسموع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت كالفيس بوك والتوتير. كل ذلك لاستغلال الحماسة الثورية اللحظية ولاستقطاب الدعم الشعبي والعربي والعالمي من اليمنيين وغير اليمنيين في الداخل وفي المهجر ابتدءا من منصة ساحة الجامعة " المحتكرة لجماعة بعينها" وانتهاء بالقنوات الفضائية كاقناة سهيل الفضائية وقناة الجزيرة القطرية وغيرها.

ونتيجة للتعبئة الإعلامية والفكرية التي يعتقد كل طرف في اليمن بأنه على صح، التهب الشارع والمواطن اليمني في كل بقاع اليمن بل وانقسم الشارع الى شوارع وحواري وأزقة، ومصاحبة لهذه الحمى السياسية اشتعلت الفتنة بين طوائف اليمن وشبت نيران الحقد في الممتلكات العامة والخاصة حتى انه لم يسلم قوت المواطن البسيط الذي طحن مع لهيب الأسعار التي أوصلت من لا حول لهم ولا قوة الى حافة العوز والفاقة. وهكذا دواليك، تعاقبت وتوالت الأحداث المأساوية في شوارع وساحات اليمن قاطبة حتى انذرت بكارثة انسانية تلتهم الاخضر واليابس في اليمن حتى طفت على السطح "المبادرة الخليجية" كحل توافقي "وحيد" لحقن دماء اليمنيين في عموم اليمن وتجنيبهم " الحوثنة، الصوملة والافغنة" وتسليم رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح السلطة لنائبة الأخ عبد ربة منصور هادي وانتخابة رئيس توافقي.

اما من يتغني بأن الثورة الشعبية في اليمن قد حققت أي انتصار فهو قول بعيدا عن الحقيقة ووهم يتخبط فيه من يتخبط. اما ما حدث فقد تحول من مطالب شعبية مشروعه الى صراع سياسي بامتياز تم فيه المتاجرة بدماء الأبرياء من ابناء اليمن الذين استغلتهم أحزاب اللقاء المشترك والأحزاب الدينية المتطرفة والتجمعات القبلية المتعصبة والعسكر الطامحون. فهل خفي علينا كم لهثت هذه الأطراف للسعي نحو السلطة والشهرة تحت أي مبرر ابتدءا من الرحلات المكوكية بين الفضائيات ووصولا الى الجائزة العالمية النوبلية المشكوك في ذمتها.

يا ترى متى تستوعب المعارضة اليمنية افراد وجماعات بأنهم عجزوا عن إحداث التغيير الذي كان ينتظره الجميع. تغيير في الأفكار التعبوية الخاطئة والمريضة، تغيير في السلوكيات والممارسات الحاقدة، تغيير يشعرنا بآدميتنا واحترامنا للأخر مهما اختلف رأيه معنا. تغيير أخلاقي سلوكا وفكرا وقيم.. فالسعي الى تحقيق تنمية حقيقة لن يأتي الا بتحكيم القيم والمبادئ والأخلاق بعيدا عن المصلحة والأنانية وحب الذات والدجل والنفاق والتبعية العمياء وليس بالخطابات والشعارات والخروج عن اللباقة والحياء.

لك الله يا يمن خير حافظ ونصير.
  
د.ابتسام الفرح
شفيلد / بريطانيا
28مارس2012

No comments:

Post a Comment